تحليل شرح قصيدة رسالة من المنفى للشاعر محمود درويش، حيث يعتبر الشاعر محمود درويش أحد أشهر الشعراء الذين أصدروا عدد كبير من الدواوين والقصائد الشعرية التي نالت بدورها على إعجاب عدد كبير فاق الملايين من عشاق العربية والشعر والمطالعة، وقد تباينت الموضوعات التي تناولها محمود درويش في أشعاره ما بين الوطنية، والحب والغزل الصريح وغير ذلك، من هذا المنطلق سنقوم بتحليل شرح قصيدة رسالة من المنفى للشاعر محمود درويش؛ رداً على الباحثين عن ذلك.

مقطع من قصيدة رسالة من المنفى 

قبل الشروع في وضع شرح وتحليل مفصل لكافة عناصر القصيدة الوطنية التي نظمها الشاعر محمود درويش ينبغي أن نقوم بوضع نبذة مقتضبة منها للتعرف على ما تحمله هذه القصيدة من أفكار رئيسية ومفردات ومعاني وما إلى ذلك، وعليه لقد جاءت هذه القصيدة على النحو التالي:

تحليل شرح قصيدة رسالة من المنفى للشاعر محمود درويش

تحيةً …وقبلة

وليس عندي ما أقول بعد

من أين أبتدي؟

وأين أنتهي؟

ودرة الزمان دون حد

وكلّ ما في غربتي

زوادة..

فيها رغيفٌ يابسٌ… ووجد

ودفترٌ يحمل عني بعض ما حملت

بصقت في صفحاته بعض ما ضاق بي من حقد

أقول للمذياع: قل لها أنا بخير

أقول لعصفورة:

إن صادفتها الطير

لا تنس وقل بخير

أنا بخير..

أنا بخير…

ما زال في عيني بصر

ما زال في السماء قمر

ماذا جنينا يا أماه

حتى نموت مرتين

فمرة نموت في الحياة

ومرة نموت عند الموت

هل تعلمين مال الذي يملؤني بكاء؟

إذا مرضت ليلةً

وهدّ جسمي الدَّاء

هل يذكر المساء

مهاجرًا أتى هنا ولم يعد إلى الوطن

بلا وطن

بلا علَم

ودونما عنوان

ما قيمة الإنسان؟!!…

من هو الشاعر محمود درويش

يعتبر الشاعر محمود درويش من أشهر شعراء فلسطين، وقد ارتبط اسمه بها وأصبحت كلماته متأصلة في الثورة والوطن، ولد في قرية البروة الواقعة في الجليل الغربي (عكا) في فلسطين في عام 1942، ساهم محمود درويش في تطوير الشعر العربي الحديث من خلال إدخال رمزية مفرطة فيه، كانت حياة محمود درويش متقلبة بشكل كبير جداً ومليئة بالأحداث والمواقف، فقد ذاق مرَّ الاعتقال والمنافي كثيرًا، لذا جاءت قصيدته هذه كرسالة من المنفى البارد إلى القلوب الدافئة.

من الجدير بالذكر أن الشاعر محمود درويش توفي عام 2008 في مستشفى هيوستن بولاية تكساس الأمريكية، لكنه دفن في فلسطين وترابها احتضن جسده وكلماته خُلّدت إلى الأبد في قلوب وعقول الناس، من أبرز مؤلفاته الشعرية: طيور بلا أجنحة، عاشق من فلسطين، مطر ناعم في خريف بعيد، لماذا تركت الحصان وحيداً، أنت منذ الآن غيرك، أثر الفراشة.

شاهد أيضاً: قصيدة عن المدرسة.. أجمل الابيات الشعرية والقصائد عن العلم والمدرسة

شرح قصيدة رسالة من المنفى للشاعر محمود درويش

عقب التعرف على أهم المعلومات المتعلقة بالشاعر الفلسطيني العريق محمود درويش الذي نظم بدوره العديد من القصائد الوطنية من وحي المعاناة، وقد نالت بدورها على إعجاب عدد كبير من الأشخاص لا سيما القرّاء ومحبي الشعر العربي الثوري، لذلك سنقوم بعرض شرح تفصيلي كامل لقصيدة رسالة من المنفى على النحو التالي:

  • في قصيدة رسالة من المنفى يصور محمود درويش حياته ومعاناته اليومية في المنفى بعيدا عن عائلته ووطنه، لا يوجد له سوى رغيف جاف، وكتابه الشعري، وهذا يدل على شدة شوقه وحنينه إلى وطنه.
  • يصور الشاعر نفسه على أنه طائر جريح فقد ريشه، لذلك فهو غير قادر على الطيران، ويشعر الشاعر أيضا أنه غريب غير قادر على العيش بعيدا عن شعبه ووطنه، لذلك يستمر في كتابة رسائل إلى شعبه، يخبرهم عن حالته الصحية، لكنه يعلم أنه لا يوجد بريد يحمل رسائله، لذلك يلجأ الشاعر إلى توصيل رسائله للطيور الحرة حتى يتمكنوا من توصيل رسائله.
  • في قصيدته استخدم الشاعر محمود درويش عدة أسئلة وضعت المتلقي أمام مشهد درامي يمثله بطل مأساوي قرر مواجهة مصيره ليفسح المجال للوحي لتصوير حياة عبثية في المنفى، ولم يجد الشاعر من يشاركه قسوة هذه الحياة إلا الأم التي تختزل بعمق مشاعرها وصدقها الوطن بأكمله.
  • تتراوح حياة الشاعر في المنفى من اليأس إلى الأمل، ويشكل الأمل شعلة قلقة في لحظات الظلام والحصار النفسي.
  • في القصيدة يثير الشاعر عدة أسئلة مشروعة في عالم يفتقر إلى الحس الإنساني، لا يستطيع الشاعر أن يتخيل سيناريو محتمل لواقعه وحياته المستقبلية؛ الوطن بعيد ولبعده يقل الأمل، لذلك يبقى هذا المهاجر بلا علم وبدون وطن بحثا عن قيمته في عصر سارت فيه القيم بشكل خاطئ.
  • يعبر محمود درويش في القصيدة عن رأيه ومشاعره ويرى أن الغريب يموت مرتين في حياته، ويجد نفسه في الموت الأول وهو أمر غريب في المنفى، لأن الوطن هو حياة الإنسان، وإذا أخذ الإنسان وطنه فلا قيمة له بدون وطن، والموت الثاني هو الذي نعرفه.

الصور الجمالية و المحسنات البديعية في القصيدة

تتضمن المحسنات البديعية والصور الجمالية ما اشتملت عليه القصيدة من مرادفات ومعاني ومضادات، فضلاً عن الأنواع المختلفة للتشبيه وما تضمنته القصيدة من أساليب بلاغية ونحو ذلك، وعليه لقد ورد من المحسنات والصور الجمالية في قصيدة رسالة من المنفى ما يلي:

  • أسلوب الاستفهام الذي يدل على التردد والحيرة، في قوله: (من أين أبدأ?) وأين أنتهي).
  • أيضاً الاستفهام الذي يدل على الألم والحزن في كلماته: هل يذكر المساء مهاجرًا مات بلا كفن؟)
  • قول الشاعر: (زوادة فيها رغيف يابس) هو كناية للحياة الصعبة والفقر الذي يعاني منه الشاعر، وهو أيضا استعارة فنية، حيث شبه الدولة التي يعيش فيها في المنفى بوعاء من الخبز الجاف.
  • قول الشاعر: (يفتح الآفاق للأشباح) هو استعارة للاغتراب والوحدة التي يعاني منها الشاعر.
  • كذلك الأمر قول الشاعر: (يا أماه) بعد قول (ما جنينا) هنا النداء يعكس حب الشاعر لأمته ووطنه، وهذا الحب هو ما يمنحه الأمل في تغيير شامل في حالة أمته.
  • في قول الشاعر: (الليل ذئب جائع): شبه الليل بالذئب الجائع وهو تشبيه بليغ ؛ حيث يعكس الشاعر تأثير الليل عليه، والغرابة والوحدة التي يختبرها في نفسه في المنفى ليلا.
  • علاوةً على ذلك في قول الشاعر: (هل يذكر المساء) استعارة مكنية وتشخيصية فقد شخّص المساء وكأنه إنسان يستطيع أن يسترجع ويتذكر.

شاهد أيضاً: شرح حديث شريف عن الظلم ورد المظالم عند أهل البيت

التحليل النقدي لشعر محمود درويش

تخضع القصائد الشعرية في المجمل العام للفحص النقدي عند جموع النقاد العرب وجهابذة الشعر للتعرف على مدى ملائمة الأسلوب والكلمات وما تضمنت عليه القصيدة من أفكار تناسب الوضع الذي يريد إيصاله الشاعر للقرّاء، وقد جاء في نقد قصيدة رسالة في المنفى ما يلي:

  • المرحلة الأولى: المرحلة التي كان درويش حاضرا فيها في الوطن، وتضمنت بدايات نشأته ووعيه وانتمائه للوطن الواقع تحت الاحتلال.
  • أما المرحلة الثانية: هي مرحلة الوعي الثوري والوطني، امتدت هذه المرحلة إلى عام 1982 عندما غادر بيروت، وفيها تم تنظيم مشاعره التي تشكلت في المرحلة الأولى.
  • المرحلة الثالثة: إنها مرحلة الحلم البشري الإنساني، الوعي المحتمل الممكن.

شاهد أيضاً: قصيدة الصمت في حرم الجمال جمال مع الشرح

تحليل شرح قصيدة رسالة من المنفى للشاعر محمود درويش، وهذا الموضوع بحث عنه الكثير من الأشخاص الراغبين في التعرف على ما تحمله قصيدة محمود درويش من معاني، فضلاً عن الرغبة في التعرف على ما اشتملت عليه القصيدة من صور فنية وجمالية ومحسنات بديعية.